المغرب قبل الفتح الإسلامي الجزء الثاني (حدود المغرب التاريخية والحياة الاجتماعية للبربر )

 

المغرب قبل الفتح الإسلامي



التعريف بحدود المغرب قديما

منذ القديم والمغرب يسمى بالمغرب، وكان يشمل اقليم المغربحدود شاسعة جدا من ضفة النيل بالإسكندرية الى آخر بلاد المغرب مدينة سلا، وينقسم الى أقسام، قسم من الإسكندرية إلى طرابلس وقسم من طرابلس ويقال لها بلاد الزاب الأعلى ويليها بلاد الزاب الأسفل الى حدود مدينة تيهرت ، ويليها المغرب وهي بلاد طنجة الى حدود سلا ثم من الجنوب مغرب الشمس الى القبلة وتسمى بلاد تمسنا ويقال لها بلاد سوس الأدنى وحدها جبل درن ثم على اليمين بلاد سوس الأقصى ويقال لها بلاد سوس ويتصل سوس الأقصى ببلاد الصحراءالى بلاد السودان وهي بلاد الزنج..

وقد ذكر أن حد المغرب من بحر القلزوم وهو الهابط من اليمن إلى عدن إلى عيداب الى القلزوم ويأتي من مصر قبلة وشرقا. وحدود المغرب من الجوف البحر الشافي، وهو بحر الإسكندرية وهو المتفرع في بحر الزقاق من جزيرة طريف وعلامته صنم قادس.


amazigh



وبصفة عامة:

حد المغرب من بحر المحيط المسمى" الأبلاية "ودخل فيه بعض من مصر وافريقيا كلها والزاب والقيروان، والسوس الأدنى والسوس الأقصى، وبلاد الحبشة ومنه يتفرع نيل مصر.

تعوّد المؤرخون في العصور الإسلامية أن يقسموا المغرب إلى أقاليم :

1- إقليم برقة

2- إقليم طرابلس
ومن هذين الإقليمين

3- إقليم فزان التي تتكون منها الجمهورية الليبية خاليا

وقد كان هذان الإقليمان منفصل أحدهما عن الآخر سياسيا خلال العصور الإسلامية، فكانت برقة إما تابعة لمصر أو غير واضحة التبعية السياسية.

أما طرابلس فكانت تدخل في نطاق ماكان يعرف باسم بلاد إفريقية. أما غربا بلاد افريقية ، كانت في العصور الوسطى تشمل اقليم طرابلس من تاورغا قرب سرت على ساحل البحر المتوسط الى صبرة ثم اقليم إفريقية وهي الآن المعروفة بـ (تونس)، وتمتد افريقية فتشمل الجزء الشرقي ما يعرف بـ ( الجمهورية الجزائرية حاليا) حتى نهر صغير يسمى شلف وهو يجري هناك من الجنوب إلى الشمال حتى جنوبي مدينة الجزائر ، ثم يسير غربا بحذاء الساحل ويصب في البحر المتوسط قرب وهران ، وهذا الجزء الشرقي من بلاد الجزائر الحالية كان يسمى إقليم الزاب وكان يعتبر جزءا من ولاية إفريقية( أي تونس حاليا).

ثم المغرب الأوسط ويمتد من مجرى نهر شلف حتى مجرى نهر يجري حاليا في شرق المملكة المغربية من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي ، يسمى نهر ملوية. والمغرب الأوسط يشمل اليوم معظم الجمهورية الجزائرية وهو إقليم هضاب وجبال وسهول ساحلية والأراضي الزراعية فيه كثيرة لأن كثير من هضابه وجباله خضراء أو منقوشة كما يقول العرب ، ثم أنها منطقة معتدلة المناخ لارتفاعه، كثير الغابات والمراعي، وإلى هذا يعود مايتصف به صحة وعافية أهله وسكانه.واحتمال المصاعب وحب الحرية.

وينقسم المغرب الأوسط تاريخيا إلى قسمين:

1- شرقي ويسمى إقليم تاهرتويتميز بالجبال والغابات.


2- وغربي يسمى إقليم تلمسان ويتميز بالمراعي والسهول..

ويشتهر المغرب الأوسط بمناطقه العمرانية ذات الشخصية التاريخية المتميزة مثل إقليم القبائل شرقي مدينة الجزائر الحالية وسهل المتيجة جنوب مدينة الجزائر وإقليم السيق السهلي جنوبي وهران وإقليم البابور والبيبان الجرجرة والو نشريس وكلها أقاليم جبلية وعرة، وإقليم الحضنة وهو إقليم جريد أي (غابات النخيل) وإقليم الهقار أو الهجار في الجنوب وهو إقليم صحراوي..

أما إقليم تلمسان يتميز بجباله وسهوله ومراعيه الواسعة، وقد كانت دائما مركزا حضاريا وقاعدة علمية، وقد قامت تلمسان العربية على أصل حصن روماني قديم يسمى بوماريا .. ويلي هذا الإقليم غربا المغرب الأقصى.


المغرب الأقصى:


وهو مايعرف الان بالمملكة المغربية، ويشمل جبال الأطلس غربا المغرب الأقصى إلى المحيط الأطلسي وهي من الشمال إلى الجنوب وادي لوكوس ويصب عند مدينة العرائشوادي سبو بفروعه الكثيرة وقواعده الشهيرة مثل فاس ومكناس ثم وادي أبو رقراق و أبو رجرج وهو نهر مزدوج يصب في البحر في مصب واحد، وعلى ضفته الشرقية عند مصب مدينة سلا وعلى ضفته الغربية مدينة رباط الفتح. وهما مدينتان توأم ، ثم وادي أم الربيع ، وقرب مصبه تقع مدينة أزمور ثم وادي تنسيفت وتقع على أحد فروعه مدينة مراكش، ثم وادي سوس الذي يجري في إقليم السوس الغني وهو إقليم ذو هيئة مثلثة ينحصر بين فرعي جبال الأطلس والمحيط الأطلسي..

ومن أهم مدنه تارودانت وأكادير ثم وادي درعة في أقصى الجنوب، وما وراء ذلك تمتد صحاري المغرب وبلاد المغرب في مجموعها بلاد مشرقة ذات جمال فريد يتجلى في أجمل صورة في مناطق الجبال التي تتغطى بالثلوج في الشتاء ، ومن هنا قد قيل أن بلاد المغرب هو سويسرا العرب.


لماذا سمي البرابرة الأمازيغ بالبربر؟


يعرف سكان المغرب منذ القديم بالبربر، ولفظ البربر لا علاقة له بلون البشرة، وإنما هو لفظ إغريقي كان اليونان يطلقونه على كل من لايتكلم الإغريقية، فقد كانوا يسمونهم باباروي، أما بحث العرب فيحاولون إيجاد أي إسم له أصل عربي لكل لفظ أو علم جغرافي، فيقولون إن البربر من أولاد مهاجر عربي من حمير يسمى بر بن قيس، ويقال إن هذا الرجل عندما هادر إلى المغرب لم يفهم لهجة هؤلاء الناس فسماها بربرة وسمى الناس الذين يتكلمون بها بالبربر ، أما الحقيقة أن البربر شعب إفريقي سكن البلاد منذ قدم العصور، واليونان هم من سموا البربر ، وعنهم أخذ اللاتينيون الإسم ثم بعدها العرب هذه التسمية، أما الأمازيغ فلا يطلقون على أنفسهم هذه التسمية، بل يعرفون أنفسهم بأسماء شعوبهم وقبائلهم ..

وينقسم البربر إلى قسمين كبيرين بحسب أسلوب الحياة والطابع الحضاري:

1- البربرالبدو
، ويسمون بالبتر

2- والبربر الحض
ر، ويسمون البرانس

بربر الحضر أو البرانس أصلهم من سكان البحر الأبيض المتوسط وهم يسكنون بصفة عامة الشريط الساحلي والسفوح الشمالية لجبال الأطلس وهم يشبهون في ملامحهم سكان الأندلس وسكان الجزائر المحادين للبحر المتوسط تنتشر بينهم شقرة الشعر وبياض اللون وزرقة العيةن وخاصة بين أهالي الجبال.

هذا الفرع الكبير من البربر هو أصل البربر وهم الأقوام الذين سكنوا هذه البلاد منذ أقدم العصور، أما فريق البربر وهم الأقوام الذين سكنوا هذه البلاد منذ أقدم العصور.

أما بربر البدو البتر فهم جدد نسبيا أقبلوا من الجنوب وفي الغالب من الجنوب الغربي من قلب القارة الإفريقية عن طريق وادي النيل وقد نزلوا أولا بإقليم برقة ثم انتشروا غربا وهم جنس إفريقي أسمر البشرة اختلط بالسكان الأصليين ومن اختلاطهما نشأ الجنس البربري الذي استعرب بعد ان اختلط بالعرب وأصبح من أمم العروبة، وهو يجمع في تكوينه خصائص الأصول الثلاثة التي تكون منها.

عاش البربرفي بلادهم هذه قرونا متطاولة قبل الفتخ الإسلامي لهم تاريخ وحروب من الإغريق والرومان خاصة، وظهر من بينهم أبطال قوميون مثل جوبا وماسيسينا الذي يسميه العرب ماكس، ولكن كل علاقة الرومان وبعدهم الروم أو البيزنطيون كانت مع بربر الساحل والسفوح الشمالية للأطلس، ونادرا ماتوغل الرومان إلى داخل البلاد فيما عدا إقليم إفريقية (تونس) وهو سهل فسيح كما نعلم.




حياة المغرب الدينية قبل الإسلام:

كان الأمازيغ أو ما يسمى البربر القدامى بعبدون مظاهر الطبيعة، أصناما من الأحجار وغيرها، كما كانوا يؤمنون بالسحر وأعمال السحرة. وقدسوا وعبدوا أيضا مبعض الحيوانات، كالكبش ذي القرون الكبيرة والأفعى والقردة.


حياة المغرب الإجتماعية:

سكن البربر في بداية عهدهم الكهوف، ولما ارتقوا قليلا اتخذوا لهم مساكن من أكواخ بسيطة ، من أغصان الشجر ، أو من القصب، كما سكنوا بيوتا من الطين والأحجار وما زالت هذه مساكن أغلبيتهم في البداية إلى يومنا، ولم يعرفوا أبناء المدن إلا بعد احتكاك الفينيقيين بهم، وكانت قراهم ذات نظام بشبه النظام الجمهوري، حيث يتوفر لدى كل منها مجلس مهمته النظر في مصالح القرية.

أما لباسهم فقد تطور عندهم وانحصر في جبات وبرانس من الصوف، بينما يضعون في أرجلهم نعالا. ما رؤوسهم فتظل عارية محلوقة الشعر ، وقد يضعون فوقها اكاليل من الريش، وكان كل من الرجل والمرأة يتزين، ولكن الرجال يميزون ب؟أقراط في أذانهم، بينما النساء يميزون بالخلاخلفي أرجلهن وبالوشم في وجوههن، وكان البربر يحترمون الروابط العائلية.

أما الثرواتهم الرئيسية في عهدهم الأول فكانت تربية الماشية من بقر وغنم ومعز وإبل وحمير، أما الفلاحة فتأتي عندهم في الترتيب الثاني، ويقال بأن البربر أو الكنعانيين القادمين من الشرق صحبوا معهم إلى المغرب تلك الحيوانات الأليفة، كما حملوا معهم المعلومات البدائبة في الفلاحة من مصر خاصة.

وكان سكان المغرب الأقدمون يعرفون الفول ، وهو أصيل في البلاد لم يجلب من الخارج، كما كانوا يعرفون القمح والزيتون والكروم، وغذاؤهم الرئيسي الكسكس، والألباب والنباتات، لأنهم كانوا في بداية عهدهم نباتيين لا يتناولون اللحوم.

هل للبربر فن وأدب؟


لم يكن للبربر أدب وفن مدون في العصور القديمة ويعزى ذلك بسبب اللغة الأمازيغية، ولا ينكر ناكر وجود حروف أمازيغية منقوشة على الأحجار في الكهوف في من كان له دراية بالقراءة والكتابة ومازالت بعض الدراسات تكشف وجود أثار لحروف تيفيناغ على الجبال والصخور باللغة القديمة ومن بينها ما كتب باللغة الحميرية مما يؤكد بعض من الروابط ، غير أن اللغة لم تنتشر كما هو الشأن كما هو الشأن بالنسبة للغة العربية والفارسية والهندية واليونانية وأغلب ماتناقل كان شفاهيا، أما بالنسبة للفن فقد شاهدناه فيما توارث في النسيج وصناعة السجاد وزخرفة الزرابي، كما أن لهم ثراتهم في الرقص والغناء والشعر ولا أحد يستطيع أن ينكر أن لهم موسيقى خاصة، وفن النقش على الاواني وصناعة الفخار كما لهم فن الوشم والنقش على الصخور وصناعة الحلي والمجوهرات.

المغرب دولة أمة


المغرب رغم أصله الأمازيغي فله ارتباط كبير مع العرب وبالمشرق أو بعبارة أخرى بالعروبة وهذا راجع لعدة أسباب منها على سبيل المثال:

حصول هجرات كثيرة من الكنعانيين من بلاد العرب وما جاورها إلى المغرب.

اللهجة الكنعانية التي يتكلم بها سائر البربر وحتى يومنا هذا واحتواؤها على مئات الكلمات العربية الأصل، ثم إن القواعد النحوية الأمازيغية تشبه كثيرا قواعد النحو في العربية.

القرأن الكريم كا له أثر كبير وعامل قوي في تقوية الأخوة بين العرب والامازيغ، وعلى استعرابهم نظرا لاختلاط اللغة والدين و الدماء عبر التزاوج واختلاط التقاليد والعادات ..

ثم هناك أيضا الإنسجام والتجاوب الروحي والفكري والتعايش مع كل العرقيات الوافدة هناك عربا أصبحوا يتكلمون الأمازيغية وأمازيغ نعربوا.نظرا وذلك عبر قرون متعاقبة على البلاد لذلك المغرب أمة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المغرب موقعه الجغرافي ومميزاته التاريخية عبر مراحل

المغرب قبل الفتح الإسلامي

تاريخ المغرب قبل الفتح الإسلامي (الفينيقيون والقرطاجيون والرومان والوندال والبيزنطيون في المغرب)