المغرب قبل الفتح الإسلامي
السكان الأصليون للمغرب
تدل الآثار على أن المغرب كان مسكونا منذ أقدم العصور، حتى أنه لا تعرف بدايتها بالضبط، ولكن تقدر بعدة آلاف من السنين قبل الميلاد المسيح عليه السلام، وتدل الآثار على أن المواطنين الأولين لشمال افريقيا وجنوب اوروبا كانو من السلالة السوداء، ولكنهم انقرضوا، كما تدل الآثار على أن الصحراء الكبرى كانت أراضي خصبة، كثيرة النبات ، وفيرى المياه، لطيفة الهواء . وكانت تسكنها جماعات انسانية كثيرة العدد، غير أن العوامل الطبيعية قست عليها، فغيرت من روائها و أبادت نباتاتها و أغاضت مياهها، فهاجر سكانها الى الشمال الافريقي.
وتدل الآثار كذلك على أن طوائف من الجنس السامي الكنعاني قدمت الى المغرب من الشرق، منذ العصور الغابرة، ويقول العلماء بأن اولئك الكنعانيين هم سكان المغرب الأقدمون, وهكذا تكون الآثار وأقوال العلماء قد أيدت ماذهب إليه ابن خلدون ، خيث يقول:
"والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم، أنهم من ولد كنعان"
ويبدومن أقوال العلماء أن هؤلاء الكنعانيين وفدوا على المغرب في هجرات متعددة أبرزها اثنتان:
1- الاولى حصلت من جنوب جزيرة العرب، والثانية حصلت من فلسطين ونواحيها ، في حوالي سنة 1215ق,م، وهذه الأخيرة كانت نتيجة لانتصار بني إسرائيل على أهل فلسطين الأولين أي الكنعانيين فهاجرت طوائف منهم إلى المغرب، وذلك في عهد الفينيقيين .
وفي هذا الصدد يقول أحد المؤرخين: بأن أهل فلسطين عندما تغال عليهم بنو إسرائيل هاجرت طوائف منهم إلى المغرب عن طريق مصر فليبيا، كما أن بعضهم الآخر ذهب إلى فينيقيا فنقلتهم السفن الفينيقية إلى المغرب. ويذكر المؤرخون بأن هؤلاء الكنعانيين كانوا على قدر من الحضارة والمدنية.
ويقول العلماء بأن سكان المغرب الأقدمين وفلسطين وفينيقيا ومصر و(العرب) كلهم كنعانيون . وقد كان لهؤلاء الكنعانيين_ وبالأخص الفينيقيين والمصريين - فضل عظيم على الإنسانية في الزمن القديم، لأنهم أسبق الأمم إلى الحضارة، كما كان الفينيقيون أول من علموا الدنيا الكتابة بالحروف الأبجدية .
2- وتخالف طائفة أخرى من العلماء ماقاله ابن خلدون ومن شايعة من المؤرخين حول أصل البربر المغاربة حيث تقول: إن أصل البربر من الجنس ذي الشعر الأسود والعيون السود، واللون الأدهم والجمجمة الطويلة، وأنهم من نفس السلالة التي تقطن اسبانيا وغرب فرنسا وإيطاليا، هذا مع اعتراف اولئك العلماء بوجود عنصر الكنعانيين الوارد من الشرق، والذي يتميز بلونه الأسمر.
وإلى جانب هذين الجنسين (الأدهم والأسمر) يوجد جنس أخر ذو لون أبيض وشعر أشقر وعيون زرقاء، وهو فيما يرجح لا يمت بصلة الى الجنسين السابقين، ويسكن اليوم بلاد الريف بمغربنا الأقصى، وبلاد جرجرة ببلاد الجزائر الشقيقة، وينسب بعض العلماء هذا الجنس الى الأصل الجرماني، كما يقولون بأنه أقدم وجودا في المغرب من العناصر البريرية الأخرى.
وما يزال العلماء إلى يومنا يعثرون على أجناس جديدة أخرى من بين الامازيغ، أو سكان الأصليين، وهذا يدل على تشعب أصلهم منذ القدم، الشيء الذي أدى إلى تضارب أقوال العلماء في نسبتهم : هل هم من الجنس الكنعاني المحض الوارد من الشرق ؟ أم أنهم من ذاك ومن جنس أو أجناس أخرى وردت من أوروبا ومن إفريقيا نفسها؟
والسبب في قلة المعلومات عن أصل البربر الأقدمين يرجع إلى أن تاريخ وجودهم في المغرب ظل مجهولا آلاف السنين، لأنهم لم يدونوا تاريخهم، ولم يكشف على أمرهم الا بعد وصول الفينيقيين الى الشمال الافريقي، في القرن الثاني عشر ق.م تقريبا، حيث وجدوا به دولا مستقلة كدولة موريتانيا ونوميديا وتوسكا وملفا. ولكن الشيء الذي تعجب منه العلماء أكثر من غيره هو أن اللغة السائدة بين البربر أجمعين كنعانية الأصل، وكذلك التقاليد والعادات ، فلعل الجنس الكنعاني كان أرقى من الأجناس الأخرى فأثر فيها، أو أنه كان أكثرها عددا فطغت لغته وعاداته عليها بحكم الأغلبية وابتلاع الكل للجزء.
وقد حكم المغرب من القبائل البربرية الكبرى في عهد الاسلام :
أوربة، التي آوت مولاي ادريس وناصرته، وصنهاجة، التي هي أصل المرابطين، ومصمودة التي ينتمي إليها الموحدون، وزناتة التي منها ينحدر المرينيون.
تعليقات
إرسال تعليق